حكايات عربية

قصة ريم في عرين الأسد

وكلما أطبق الليل افواه الضجيجِ و أرخى الهدوء سدوله،
تبدأ الحرب بين ضلوعي و عواصف الحزن تعذب قلبي ،
هكذا قالت قبل أن تُمطـَرَ دموع عينيها بغزارة .
تقول كنت بالسادسة عشر من عمري عندما قالت زوجة أبي
يوم الجمعة القادم سيأتي اخى و سيخطبك لإبنه عيسى نظفي المنزل جيداً و نسقي ألوان ملابسك قليلاً و أحضرت لكـِ فستانا استعرته من جَـارتنا أم علاء “و لكن يا خالتي انا متفوقة و معدلي 96 % و لم ارفض لك أمراً من صغري .
ماشاءالله عنكـْ قد الهِدّة ع السِدّة و اخويا بدو يزوج ابنه و ابوكي #زَلمة ما معو يرجعلو فلوسه و انتى مين بدو يدق بابك إمك مطلقة و ابوكي بيشرب بوسي ايدك ألف مرة اللى اقنعت اخويا ياخدك لأبنو بدل الدين اللى علينا .. ”
هنا كانت الصاعقة تلعثمتْ لم أدري ماذا أفعل و ماذا أقول ؟
و قبل أن يسرق الظلم صوتي صرختُ للمرة الأولى لن اتزوج من شخص كالبرميل لو تزوج بريعان عمره لكانت ابنته زميلتي بمقاعد الدراسة ، كأن السيجارة عاهة مستديمة التصقت بين شفتيه ، لا يعلم اتجاه قـِبـلة الصلاة ، و فمه الأسود لا ينطق إلا ألفاظاً قذرة.
انهالتْ عليا ضرباً و ســَوطُ لسانها كان أقوى منْ عصا المكنسة التى بيدها و والدي الرجل الأول بحياة ابنته ، وضع يده المرتعشة على فمي ثمَ أغلقَ الباب كي لا يسمع الجيران صرخاتي .
و حدث ما كان جاء الجمعة و ارتديت ذاك الفستان ومنذ ذلك اليوم اكره اللون الوردي الذي جعله يعجب بتفاصيل جسدي و قال ” اش اش مفصلة تفصيل ؛ بضاعتك حلوة يا عمي ” و تفشت بالمكان ضحكات من كل شيء إلا السعادة
تــَزوجتْ .
و كان زفافي مـَلـَكي من نوع مختلف .. فستانٌ اكاد أقسم انه ستارة و تسريحة شعر تشبه كل شيء عدا تسريحة العروس ، مكياج بكحلة الزيت المتيبسة على شُباكِـ زوجة أبي منذُ زفافها و كأن قاراً حار قد احرق عيني و احمر شفاه مهجور صبغَ ثَـغري دَماً .
تزوجت و كلما كان يقترب مني كأن جهنم تفتح فمها لتنهش جسدي .
خوف ، وجع ، ألم ، خجل ، سُخط ، وكلها تصب في معنى القهر و الظلم .
بعد اليوم الثامنْ بدات معاناتي أصبح الضرب و الشتائم ك صباح الخير و مساء الخير، بسببِ أو من دون سببْ و من اعظم الأسباب ان قميصه الكحلي لم يجف بعد ، الطعام ينقصه ملح ، خزان الماء فارغ ، خسارة فريق الريال قبل ان تلفظ المبارة الدقيقة الأخيرة .
و لما كنت أبْكي و أشتكى لأبيالحَـنونْ و زوجته الرَقيقَة
كانت تقول << ما في عنا بنات بيطلقوا من وين نطعميكي عالاقل زوجك كسيب ( حداد ) و لما يضربك اعتبريها رسوم خدمة النوم و الاكل و السكن ببلاش .
أصبحتُ بلا روح جسد خاوٍ على عروشه سجينة بسجن بلا منفذ هواء و سجانٌ قلبه صخر وقبضته حجر و عينيه جمر ..
و كلما تقيأ جسدي سمومه الحمراء مطلع كل شهر كان يصبغ باقي جسدي بالكدمات الحمراء او الزرقاء أحيانا يريد طفلاً يحمل اسمه و جيناته القذرة .
.و كلما استغثتُ بأبيه العجوز و قبلت يده فقط كنت أطمع بأن يقول لولده الولد بإرادة الواحد الصمد و لكنه كان يركلني بعكازه و كأني كيس قمامة يلقيه أمام منزل جاره ..
أذكر يوم الجمعة الأخير بشهر مارس بدأت بشهري السادس من الحمل ب فتاة بعد أربعة أعوام من نكبتي ..
بعد أن فرضت الشرطة ضريبة مالية لمحله الصغير دخل المنزل كأنه كلب مسعور يركل الأشياء من أمامه و يشتم و يصرخ بِـكل وَقـاحـة .
فقط سألته مـَاذا حدثْ ” هَـلْ وادكَـ بخيرْ ; لم أكن أعلم أن سؤالي هذا سيكون سبب اعاقتي الدائمة فيما بعد .
و بدأ يسكب فوق جسدي ألواناً من الضرب بيديه الغليظة بقدمه العريضة بكل شيء بالصالون يمكن أن يلقيه عليا عندما أحاول الهرب .. أخيرا فتحت باب شقتي أقصد سجني لأهرب إلي أي شيء إلي أي مكان ما يهمنى أن أبتعد عن زوجي ،عن عش الزوجية ، عن عريني الآمنْ ، عن مخدعي الناعمْ ، عن الدفء المحرم في بيتي ، عن السعادة الممنوعة ،عن الراحة المقتولة ، عن الأمان الذي هجر البيت منذ أن أغلقوا علينا بابًا واحد و اغتصب أنوثتي تحت لقب زوج ، عن الحب الذي لم أعانقه يوماً ، عن المودة المُبهمة ،عن العطف الممنوع من الصرف في بيتي ، عن السَكينةِ التى تحولت الى سِكينةَ تُمزق روحي و تُعري جسدي و يشوه انسانيتي ..
لم أستطع أن أحمل بطني المنتفخ أمامي و لم تستطع قدامي أن تحملني لم أستطع أن أفعل شيئاً الا التوسلْ و البكاءْ و تمنى الموت ..
يفصلني عن الباب الخـَارجي فقط سبع درجات أمسكنى من شعري و أخذ يركل بطني وجهى صدري أمسك بيد الفرن راح يطبعُ نقشهـا فوق جَسدي ..
آخر ما سمعته ” بـِدك تفضحيني بدك تُهربي من البيت والله لأقبرك هون “
و استيقظتُ باليومِ التالي في مجمع الشفاء الطبي كانت جارتي بجانبي تبكي حالي و تنهال بالدعوات على زوجي و زوجة أبي ..
فقدتُ طفلتي و رَحْمي معاً بسبب النزيفِ المجنون ..
و عيني اليسري لا أرى بها إلا الضباب ..
و الآن أنا مُطلقة بعينٍ واحدة و سيدة مسلوبة الحياة بلا رحم بمجتمع لا يرحم ..
أعمل لفاية ” خادمة بالمنازل “
ريم ..
و زوجة أبيكِ ماذا حل بها بعد وفاة والدكِ بـِجرعـِةٍ بيضاءَ زائدة ..
لا شيء ألقاها أخوها بـِ جَمعيةِ مبرة الرحمة بعد أن نهش المرض منها الأخضر و اليابس ..ريم ..هل سامحتها ؟؟!!
باعتني و سلبتْ روحي ..
و حرمتني الإنجاب بعد سنين العذاب من جهنم زوجة الأب إلى سعير بيت الزوج ..
مقابل أن تشتري قطعة من الذهب لـِ تتزين أمام نساء الحارة . انتهى ..

إقرأ أيضا:قصة أبرص وأعمى وأقرع في بني إسرائيل

بِـ قلم : Salma Mousa سلمى موسى

السابق
قصة أبرص وأعمى وأقرع في بني إسرائيل
التالي
اقتباسات عبد العزيز الطريفي

اترك تعليقاً